التضخم
التضخم: "هو الارتفاع في المستوى العام للأسعار" ويُقاس هذا المستوى العام بمتوسط سعر السلع والخدمات في اقتصاد ما؛ وهو متوسط بين أسعار المستهلك والمنتج، وذلك الارتفاع لا يكون بالضرورة في جميع الأسعار، فحتى في أوقات التضخم الشديد فإن بعض الأسعار المعينة قد تكون -نسبيًا- ثابتة، والبعض الآخر قد ينخفض فعلا. وليس هذا هو ما يقصده مذيع النشرة الاقتصادية حين يقدم تقريره الشهري عن معدل التضخم؛ فهو فقط يوضح -بنسبة مئوية- أن مستوى التضخم تغيّر عن الشهر الماضي؛ على سبيل المثال عندما تسمع أن معدل التضخم الشهري 1%، فهذا يعني فقط أن مستوى الأسعار زاد بـ 1% هذا الشهر وهو قد يكون تغيرًا طارئًا؛ فإذا ما استمر معدل التضخم عاليًا لفترة زمنية طويلة (أكثر من 1% شهريًا لعدة سنوات) يعتبر الاقتصاديون أن التضخم أصبح عاليًا.
أنواع التضخم
أولا: تضخم جذب الطلب:
أي أن الأسعار ترتفع نتيجة لزيادة الطلب عن الطاقة الإنتاجية للاقتصاد القومي، وفي هذه الحالة فإن زيادة الإنفاق في الاقتصاد القومي لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجة زيادة الأسعار؛ فلو أن سلعة ما تباع بسعر جنيه للوحدة، فإن زيادة في الإنفاق قدرها 10 جنيهات يجب أن يترتب عليها زيادة في الناتج بمقدار 10 وحدات، أما في حالة ارتفاع سعر السلعة إلى جنيهين فإن زيادة الإنفاق بـ 10 جنيهات يترتب عليها زيادة في الناتج قدرها 5 وحدات فقط.
ثانيا: التضخم الزاحف:
ويقصد به الارتفاع بمقدار 1 أو 2 أو 3% سنويًا في المستوى العام للأسعار، وهذا النوع من التضخم عليه خلاف بين الاقتصاديين حيث يرى بعضهم في نسبة الارتفاع البسيطة في الأسعار نماءً للاقتصاد، ففي أوقات التضخم الزاحف ترتفع أسعار السلع قبل ارتفاع أسعار الموارد فيؤدي ذلك إلى زيادة الأرباح مما يدفع رجال الأعمال إلى زيادة الاستثمارات. بينما يرى البعض الآخر أن الآثار التراكمية لمثل هذا التضخم تكون شديدة؛ فارتفاع سنوي قدره 3% في المستوى العام للأسعار إنما يعني مضاعفة المستوى العام للأسعار في حوالي 23 سنة، كما أن التضخم الزاحف يتضاعف بسرعة ويؤدي إلى التضخم الشديد الجامح.
ثالثًا:التضخم الجامح:
وهو تضخم حلزوني تصاعدي في الأسعار والأجور؛ حيث تؤدي زيادة الضغوط على الأسعار إلى ردود أفعال تنتج المزيد من التضخم، وبذلك فإن هذا النوع من التضخم يغذي نفسه بنفسه. وأشهر مثال على هذا النوع من التضخم هو ما شهدته ألمانيا في أوائل العشرينات من هذا القرن حين قامت الحكومة بطبع النقود بمعدلات مرتفعة للغاية لتغطي نفقاتها، وفي عام 1923 تعدى معدل التضخم 1,000,000% حتى أن كثيرًا من الشعب الألماني لجأ لنظام المقايضة، واستخدام السلع بدلا من النقود كأن يحدد التاجر سعر رغيف الخبر بثلاث بيضات مثلا.
آثار التضخم
من أكبر آثار التضخم هو أنه مع اشتداد موجة الغلاء تفقد النقود إحدى وظائفها، وهي كونها مقياسًا للقيمة ومخزنًا لها، فكلما اشتدت موجة الغلاء انخفضت قيمة النقود مما يسبب اضطرابًا في المعاملات بين الدائنين والمدينين، وبين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين، وتشيع الفوضى داخل الاقتصاد المحلي، وإذا حدث ذلك فقد يتخلَّى الناس عن عملة بلدهم، ويلجئون إلى مقاييس أخرى للقيمة.
هذا كله نتيجة العبث الذي يحدثه التضخم في منظومة الأسعار النسبية؛ أي أنه لو كانت جميع أسعار السلع والخدمات ترتفع بنسبة واحدة وفي نفس الوقت، ما كانت هناك مشكلات. لكن ما يحدث أنه في غمار موجة الغلاء توجد طائفة من السلع والخدمات ترتفع أسعارها بسرعة كبيرة، وطائفة أخرى قد تتغير ببطء، وهناك طائفة ثالثة تظل جامدة بلا تغيير، ولهذا هناك من يستفيد وهناك من يُضار من هذا التضخم المستمر.
وينقلنا هذا إلى أثر آخر من آثار التضخم وهو إعادته لتوزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع وبطريقة عشوائية، وأصحاب الدخول الثابتة والمحدودة مثل: موظفي الحكومة والقطاع العام هم المتضررون من التضخم؛ حيث إن دخولهم عادة ما تكون ثابتة، وحتى لو تغيرت فإنها تتغير ببطء شديد وبنسبة أقل من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، وبهذا تكون دخولهم حقيقة في حالة تدهور. أما أصحاب الدخول المتغيرة مثل: التجار ورجال الأعمال، فدخولهم عادة ما تزيد مع موجة التضخم، بل إنها في كثير من الحالات ترتفع بنسبة أكبر من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، وهم بذلك المستفيدون من هذا التضخم.
وبالمثل يتم توزيع الثروة القومية؛ فالمدخرون لأصول مالية كالودائع طويلة الأجل بالبنوك؛ غالبا ما يتعرضون لخسائر كبيرة؛ ذلك أن القيمة الحقيقية لمدخراتهم تتعرض للتآكل سنة بعد الأخرى مع ارتفاع الأسعار، أما من يجسد مدخراته في أشكال عينية كالأراضي والمعادن النفيسة؛ فهو المنتفع من ارتفاع الأسعار على هذا النحو.
ومع الارتفاع المستمر للأسعار يدرك الناس أن الشراء اليوم عند مستويات الأسعار السائدة أفضل من الشراء في الغد حيث ترتفع الأسعار؛ فيسارعون إلى "الاكتناز" أي شراء السلع والتحف والمعادن النفيسة، واللجوء لعملة أجنبية أكثر ثباتًا في قيمتها، وهو أمر ينعكس على تدهور سعر الصرف للعملة المحلية، وسرعان ما يضر التضخم الآخذ في التصاعد بميزان المدفوعات للدولة، ومن ثم باقتصادها ككل ويتمثل ذلك في ثلاثة أوجه:
1 - تعرّض الصناعة المحلية لمنافسة شديدة من الخارج (فبسبب ارتفاع أسعار السلع المنتجة محليًا مقابل السلع المستوردة يقل الطلب على المنتج المحلي)، وما ينجم عن ذلك من طاقات عاطلة وبطالة وانخفاض في مستوى الدخل المحلي.
2 - نتيجة لزيادة الطلب على السلع المستوردة وانخفاض الطلب على السلع المحلية يزداد العجز في ميزان المدفوعات التجاري والذي تتطلب مواجهته إما استنزاف احتياجات البلاد من الذهب والعملات الأجنبية، أو اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، أو تصفية ما تملكه الدولة من أصول بالخارج.
وما حدث للولايات المتحدة الأمريكية مثال على ذلك؛ فالارتفاع السريع في الإنتاجية في اليابان ودول السوق الأوروبية المشتركة، وارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل أسرع من ارتفاعها في الدول الأخرى؛ أدى إلى تقليل الفائض في الميزان التجاري الأمريكي، وأدى في النهاية إلى تحقيق عجز في ميزان العمليات التجارية.
ومع نمو العجز في الموازنة العامة للدولة ربما تلجأ إلى زيادة ضخ عملتها المحلية فتتزايد كمية النقود دون أن يقابل هذه الزيادة زيادة مناظرة في حجم الناتج، مما يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع وتدخل الدولة في حلقة مفرغة.
3 - أما الأثر الاجتماعي الذي لا يمكننا إغفاله هو أن الغلاء المستمر يؤدي إلى تفشي الرشوة والفساد الإداري والتكسب غير المشروع وما إلى ذلك من معاملات فاسدة؛ حيث يلجأ الناس إلى هذه الأمور كخط دفاع لمواجهة التدهور المستمر الذي يحدث في دخولهم الحقيقية، ومن ثم في مستوى معيشتهم.. ولهذا فليس عجيبًا أن تكون البلاد المصابة بالتضخم هي أكثر البلاد تعرضًا للفساد.
وقد قال لينين يوما: "إن أفضل طريقة لتحطيم النظام الرأسمالي هي إفساد العملة، وإنه بعملية تضخم مستمرة تستطيع الحكومات أن تصادر- سرًا وبطريقة غير ملحوظة- جزءًا هامًا من ثروات مواطنيها"
About Me
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
الأقسام
- إدارة اعمال (48)
- التسويق (72)
- التنمية البشرية (10)
- القيادة (1)
- المبيعات (1)
- المشروعات الضغيرة (4)

الزائر
الخميس، 12 نوفمبر 2009
Facebook Badge
Blog Archive
-
▼
2009
(115)
-
▼
نوفمبر
(115)
- طرق بديلة للسوق ناقص وتكاليف باهظة الثمن
- 3 أساسيات التسويق مع ملصقات
- خطة العمل.. طريقك للنجاح
- نصائح لزيادة الربحية
- دليل المشروعات للمستثمر الصغير
- كيف تبدأ مشروعك الصّغير
- 10اساليب فى التسويق والاعلان
- أفكار التسويق الإلكتروني الناجح
- تعريف السعر واهم اهداف التسعير
- كيف يتجنب مدير التسويق الفشل
- التسويق ودوره في نجاح المشروع
- سبع نصائح تسويقية للمنشآت الصغيرة
- الأخطاء التسويقية المتكررة
- الاتصال مع الزبائن: إيصال الفكرة عبر الإعلان
- تجزئة السوق و الاحلال السلعي
- التسويق الاسلامي
- 09 أخطاء أكثر شيوعا في التسعير
- تعريف التسويق الزراعي و أهدافه
- أهداف دراسة السوق
- نظام المعلومات التسويقية و مكوناته
- مراحل التخطيط التسويقي
- 10 أخطاء شائعة في التسويق تقابلها 10 طرق لعلاجها
- التطور التاريخي لدراسة الجدوي التسويقية
- تكامل المزيج التسويقي ضرورة للنجاح -حالة عملية
- تطوير المنتجات الجديدة
- اكتشف رسالتك التسويقية وتميز عن الباقين
- مبدا أشرك فريقك كله في التسويق
- استعمل التسويق عبر التوصيات
- إعداد خطّة تسويق موقعكم الإلكترونيّ
- أساليب قياس سلوك المستهلك
- التسويق عبر الإنترنت
- الإدارة الذكية والتسويق
- عناصر الاتصالات التسويقية
- كيفية اعداد الخطة التسويقية الناجحة (اكاديمية العد...
- التسويق الغير مباشر عبر كتابة المقالات
- ماهية خطة التسويق وكيفية اعدادها
- المزيج التسويق الدوائي
- التسويق المظلوم
- خصائص الخدمات، و مشاكلها التسويقيّة
- وظائف التسويق
- أهميّة النّشاط التسويقي وخصائصه الأساسيّة
- تســــــــويق الخدمات
- أهمية و دور نظام المعلومات التسويقي
- الإعلان واحد من أهم العوامل المتعلقة بعملك
- أهمية الترويج فى عملية التسويق المحلى والدولى
- ماهية وكيفية تحليل السوق
- اسباب نمو وتطور التسويق المباشر
- المركز التنافسي الفعّال الطريق الوحيد لإثبات الذات...
- ماذا تعرف عن ابحات التسويق؟
- مهارات التسويق
- كيف تسوقين منتجاتك
- عبارت ومصطلحات في علم التسويق
- نظام التكاليف -المفهوم والاهداف
- مقومات نظام التكاليف والعوامل المؤثرة في تصميمة
- نماذج تطيقية لدور بيانات التكاليف في ترشيد الفرا ا...
- المحاسبة عن تكلفة العمل
- مفاهيم ومصطلحات الائتمان ومصادر التمويل
- ماهو مفهوم الادارة المالية ؟
- ماهو مفهوم التحليل المالى
- كيفية التحليل بواسطة المؤشرات المالية
- الفشل المالى اسبابه وطرق المعالجة
- اسباب التضخم وعلاجة
- تحليل الأوراق المالية
- ملخص مادة المحاسبه 101
- المصرف في علاقته مع أصحاب حسابات الاستثمار
- المحاسبة عن حقوق الملكية الخاصة بالشركات المساهمة ...
- كـيـف تـقـرأ الـقــوائـم الـمـالـيــة لـلــشـــركـات
- مهارات المحاسبة والتكاليف
- التحليل بواسطة النسب المالية
- انواع البنوك
- وسائل تقييم الشركات
- ما معنى كلمة بنك؟
- أنواع الأخطاء في المحاسبة و طرق تصحيحها
- ما هو العائد على الاستثمار
- غسيل الاموال جريمة عصر العولمة
- مكونات نظام المعلومات المحاسبية
- انواع نظم المعلومات المحاسبية
- الميزانيات الرأسمالية و ميزانيات النقد
- الفرق بين السوق النقدي والسوق المالي
- مبادئ المحاسبة المالية
- مدخل للأسواق الماليّة
- لماذا 7000.000.000 $ سنويًا لتدريب فريق المبيعات ؟!
- كيف تحفز عملاءك على شراء منتجاتك بكميات أكبر؟
- ماهو سر سؤال المليون دولار(لماذا يشترى العملاء او ...
- مهارة افهم عميلك
- كيف تتعلم فنون المقابلة ؟
- مداخل الدراسة في مجال إدارة الأعمال
- المفاهيم الخاصة بالعملية الإدارية
- عملية التسويق لمشروعك الضغير دون ان تنق درهما على ...
- خمسة اسرار من الدكتور العداقي لزيادة مبيعاتك
- المهارات الذهنية لرجل المبيعات الناجح وأسرار نجاحه
- 14 قانون لتصبح رجل مبيعات ناجح
- فن التعامل .. مفتاح من مفاتيح رجل المبيعات الناجح
- العادات العشرة لرجل المبيعات الخبير
- لماذا نحتاج لخدمة العملاء؟
- 15 طريقة مثلى لاستخدام الهاتف لرجل المبيعات الناجح
- مايريده العملاء والزبائن من مندوبي المبيعات
- وصفات من د.عبدالقادر العداقى لزيادة حجم مبيعاتكم
- سبعة اقتراحات فعالة من د.عبدالقادر العداقي لتحسين ...
- مهارات البائع المحترف
-
▼
نوفمبر
(115)

FREE TEMPLATES_Design By_Ayman